فرقة الراب الملتزمة

mercredi 12 janvier 2011

نبدة عن الصحوة الاسلامية في تونس

نبدة عن الصحوة الاسلامية في تونس
* الصحوة الثانية الرواد والآفاق

ليست الصحوة ملكا لأحد، لا لحزب ولا لطائفة، لا لفرد ولا لمجموعة، وإنما للكل نصيبه في الدفع بها خارج العدم، فللداخل نصيبه وللخارج نصيبه، ساهم فيها من كان خارج الحدود في صبره على المنفى وعذابات الفراق والعزلة، ولم ينس يوما وطنا آل ألا يبيعه، وأن لا يرى غيره له الدهر مالكا، وجاهد وناضل صوتا وقلما، وهو ممسك على دينه وعلى حبه لوطنه كالماسك على الجمر أحيانا، أمام التداعيات والتحدي والضغوطات ومطالب العيش والرزق، يتلمس إشراقة من وراء الحدود، ويدعو بكل ما أوتي من قوة وجاه إلى عدم ترك غصن الأمل يسقط والرجاء يتهاوى. مات الوالد فلم يقدر على مرافقته إلى مثواه الأخير، وبقيت الأم الحنون ولم يقدر على مساواتها، وظل واقفا في ميدانه، ترنو عينه لحظة إلى الغيب وهي تستشرف تدخله، وإلى الحاضر حينا لتشكو ظلم العباد وبعد البلاد..، و يعرض سماحة القلب وتجاوز التشفي، ويضرب موعدا جديدا مع التاريخ، و يبني الأمل في شروق الشمس من جديد ومن مشرقها.. فكانت إرادته و عزمه عونا ودافعا للخروج، وكان صبره أملا لجيل الداخل، و إصراره تفائلا في صدق المسعى ونجاح المسار.


وكان للداخل نصيبه، ولعله الأكثر مساهمة، فمنه انطلق التحدي، وعبر جيله الشبابي تواصل الحمل هادئا رصينا، لم يعرف حزبا و لا طائفة، لم يأنس إلى سياسي أو إلى حركي، كان همه الأول هو إشفاء ظمئه من مطالب الروح التي تهاوت، فكانت العودة إلى رحاب الشعيرة والطقوس، وكان اللقاء ربانيا خالصا، كان اللقاء فطري المنشأ، عبادي المصير!


لقد كانت الحركة الإسلامية الدافع والحاضن للصحوة الأولى ولا شك، ولكنها غابت اظطرار عن ساحة الفعل في انطلاق الصحوة الثانية، وربّ ضارة نافعة..، ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد..، ولكن الله قدّر!..وهذا لا يعني أن الغياب كان عامّا، فليست البذرة التي تركت آثارها داخل البلاد رغم العواصف والرعود قد غابت كليا. فمن كان في سجنه ساهم ولو من بعيد بصبره ودعائه ورفضه للانحناء للجور والعداء، ولعل دمعات حمراء في ليال سوداء على أحجار صماء، قد ساقت الغيب إلى تلبية النداء... ومن كان خارج السجن، كان ماسكا على دينه في ظرف كان التدين مجلبة للبلاء والمنغصات، فمُنِع بعضه في ثيابه، والبعض في معاشه، والبعض الآخر في سفره وتنقله، وقاست أسر وأفراد..، ورغم ذلك، بقي الدين في صفائه، وبقي هذا الفصيل محافظا على شعائره، أمينا على عقيدته. فكانت معاناته تذكيرا بعدم موت الفكرة، وبصلاح العهد وتواصله، وأملا في إعادة ترتيب البيت على أسس جديدة وبرجال جدد. فكانت علاقة الحركة الإسلامية مع الصحوة الجديدة روحية خالصة، تحمل في طياتها مفارقة القرب والبعد، قريبة في همومها، بعيدة في تأثيرها المباشر، ويكفيها فخرا وزيادة، ولعل في ذلك كل الخير للصحوة!


لقد كان للتكنولوجيا الحديثة أثرا كبيرا في مسار الصحوة وفي انطلاقتها، فكانت الفضائيات والإنترنت عامل بناء وتنشئة لهذا الجيل الذي أُغلقت حوله أبواب الأرض، فجاء الفرج من السماء، حتى لُقِّب العائدون إلى رحاب الدين بمسلمي الأطباق، نسبة إلى لاقطي القنوات الأجنبية، ولعله فأل خير أن يكون منشأ اليقظة علميا تكنولوجيا في الحمل والإطار، ولعله يؤثر إيجابا على المحتوى وعلى الخطاب وعلى حامليه! فكانت دروس وخطب كل من عمرو خالد على قناة إقرأ، والشيخ القرضاوي في الجزيرة والمرحوم شحاتة على الفضائية المصرية والدكتور السويدان في قناة دبي والشيخ المصلح على الفضائية السعودية وغيرهم، كان لهم التأثير البالغ في نحت سلوك جديد، وتكوين عقلية جديدة، وفي إرساء الأسس الأولى لهذه اليقظة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire